آخر تحديث :الأحد-16 مارس 2025-04:44ص
اخبار وتقارير

الأسواق العشوائية في تعز: مشكلة متفاقمة بين الرزق والتنظيم

الأسواق العشوائية في تعز: مشكلة متفاقمة بين الرزق والتنظيم
الثلاثاء - 11 مارس 2025 - 04:38 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - محرم الحاج

تمثل الأسواق العشوائية والباعة المتجولين في محافظة تعز معضلة مستمرة منذ سنوات، نظراً لغياب البدائل المناسبة لهذه الأسواق المنتشرة في المدينة، والتي توفر مصدر رزق لآلاف الباعة وأصحاب البسطات.

في هذا السياق، وجّه المحافظ نبيل شمسان سلطات المديريات بإزالة هذه الأسواق، معتبراً أنها باتت تشكل مشكلة بيئية وأمنية، كما أنها تشوه شوارع المدينة وتحولها إلى سوق عشوائية غير منظمة، لا تليق بعاصمة الثقافة اليمنية.

حملة إزالة الأسواق العشوائية

واكبتُ أمس الاثنين الحملة الميدانية الخاصة بإزالة الأسواق العشوائية وتنظيمها، حيث أجريت تحقيقاً للوقوف على دوافع هذه الحملة، مدى جدواها، آليات تنفيذها، والتحديات التي تواجهها.

رشاد مهيوب، أحد المواطنين، أبدى تأييده لإزالة الأسواق العشوائية، مؤكداً أنها تعرقل حركة السير وتضيق الشوارع، لكنه شدد على ضرورة إيجاد بدائل مناسبة، مثل نقل الباعة إلى أسواق مركزية مخصصة لهم.

أما المواطن أحمد محمد، فأوضح أن هذه الأسواق تتسبب في ازدحام خانق، ما يؤدي إلى تأخر المواطنين عن أعمالهم ودراساتهم.. بينما ألقى زكريا الصبري باللوم على البلدية وصندوق النظافة، معتبراً أن تقصيرهما في إزالة البسطات العشوائية يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

إيجابيات وسلبيات

من جهته، يرى المواطن إبراهيم أن أصحاب البسطات يسعون فقط لكسب لقمة العيش، لكنه أشار إلى أن انتشارهم في الشوارع له سلبيات عديدة، منها التسبب في الحوادث والاحتكاكات بين الباعة والمارة.

ويأمل المواطنون أن تتولى الجهات المختصة مسؤولية حل هذه المشكلة بطريقة عادلة، تضمن عدم الإضرار بأصحاب البسطات، من خلال إنشاء أسواق مركزية بديلة وفق مبدأ "لا ضرر ولا ضرار".

مبررات الباعة

محمد الطويل، أحد الباعة في سوق التحرير، أكد أنه يعمل في هذه الأسواق بحثاً عن رزق حلال، مشيراً إلى أن ملاحقة الباعة في الشوارع تزيد من معاناتهم.

بائع آخر شدد على أنهم ليسوا ضد التنظيم، لكنهم يرفضون مصادرة حقوقهم في كسب العيش، خاصة في ظل غياب أسواق مركزية بديلة. هذا الرأي تكرر على لسان العديد من الباعة الذين التقيت بهم، والذين طالبوا بحلول عملية بدلاً من الملاحقات العشوائية.

موقف الجهات الرسمية

مصدر في مكتب الأشغال نفى بشكل قاطع وجود أي "تأجير للشوارع"، مؤكداً أن السلطة لا تفرض أي جبايات على الباعة كونهم مخالفين. كما أشار إلى أن بعض العاملين في المجالس المحلية يلجأون إلى احتجاز الباعة المخالفين لساعات قليلة، مع إلزامهم بتعهد بعدم تكرار المخالفة.

وبشأن ما يُشاع عن تأجير الشوارع بالمتر، أكد المصدر أن القانون يمنع ذلك تماماً، إلا في بعض المناسبات والأعياد، حيث يتم استيفاء رسوم مخصصة تورد إلى خزينة الدولة.

و يظهر هذا التحقيق أن تفشي الأسواق العشوائية في تعز يعود إلى عدة عوامل، أبرزها التداخل في الاختصاصات، تقاعس الجهات المعنية، وفشل الحملات السابقة بسبب غياب التخطيط الحضري السليم وافتقار المدينة إلى أسواق مركزية تستوعب الباعة.

لكن بعيداً عن المبررات الإنسانية، فإن الحقيقة الصادمة هي أن هذه الأسواق العشوائية لم تعد مجرد مصدر رزق للبسطاء المتضررين من الحرب، بل تحوّلت إلى بيئة خصبة لابتزاز الباعة، يستفيد منها زعماء عصابات منفلتة، موظفون حكوميون فاسدون، وسماسرة محترفون.