آخر تحديث :الأحد-16 مارس 2025-04:44ص
اخبار وتقارير

نجل تاجر السلاح المدرج على القوائم السوداء.. رجل الحوثيين في الاستخبارات وواجهة التهريب

نجل تاجر السلاح المدرج على القوائم السوداء.. رجل الحوثيين في الاستخبارات وواجهة التهريب
الثلاثاء - 11 مارس 2025 - 03:14 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - خاص

في خطوة تعكس التداخل بين شبكات التهريب والجهاز الأمني للحوثيين، عينت المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، رشيد فارس محمد حسن مناع، نجل تاجر السلاح الشهير المدرج على القوائم السوداء، في منصب حساس داخل جهاز الأمن والمخابرات التابع لها.

هذا التعيين يسلط الضوء على العلاقة الوثيقة بين عمليات التهريب والدائرة الاستخباراتية الحوثية، حيث تشير تقارير إلى أن مناع يلعب دورًا محوريًا في إدارة شبكات السلاح والتمويل غير المشروع للجماعة المصنفة إرهابيًا.

تعيين مثير للجدل

وبحسب ما نشر في منصة ديفانس لاين، فقد تم تكليف رشيد مناع بالإشراف على "الدائرة التاسعة" في جهاز الأمن والمخابرات، وهو الجهاز الذي أنشأه الحوثيون في 2019 بعد دمج جهازي الأمن السياسي والأمن القومي، بهدف السيطرة على المنظومة الاستخباراتية في البلاد.

وتُعرف "الدائرة التاسعة" بأنها الجهة المسؤولة عن العمليات الاستخباراتية الخارجية، وإدارة شبكات التهريب التي تزود الحوثيين بالأسلحة والذخائر القادمة من إيران عبر قنوات مختلفة، أبرزها محطة استخباراتية في العاصمة العمانية مسقط يديرها القيادي الحوثي هلال النفيش.

التاجر الأمني.. رجل صفقات الظل

رغم خلفيته الأمنية، يترأس رشيد مناع شركة تجارية حديثة تحمل اسم "مؤسسة رشيد فارس محمد للتجارة والاستيراد"، والتي يُرجَّح أنها مجرد واجهة لعمليات تمويل مشبوهة مرتبطة بالجماعة.

وتشير التقارير إلى أن هذه المؤسسة لا تمتلك سجلًا تجاريًا معروفًا ولا أي وجود على الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي، ما يثير تساؤلات حول طبيعة أنشطتها الحقيقية.

ويبدو أن رشيد يسير على خطى والده، فارس مناع، الذي يُعد واحدًا من أخطر مهربي السلاح في المنطقة، وتتهمه تقارير دولية بتزويد الحوثيين وتنظيم القاعدة في الصومال بأسلحة عبر شبكات تهريب ممتدة من إيران إلى البحر الأحمر وجيبوتي وسلطنة عمان.

من تجارة السلاح إلى تصفية الخصوم

لم يكن رشيد مجرد رجل أعمال مرتبط بالجماعة، بل برز اسمه لأول مرة كأحد المشاركين في اغتيال الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017.

وأظهرت مقاطع فيديو عناصر حوثية، من بينهم رشيد، وهم يحملون جثة صالح بعد مقتله في منزله بصنعاء، ويضعونها داخل "بطانية" على ظهر مركبة عسكرية.

ويُعتقد أن لدور رشيد في تصفية صالح بُعدًا انتقاميًا، فوالده، فارس مناع، كان أحد حلفاء صالح في تجارة السلاح قبل أن ينقلب عليه الأخير ويضعه في القائمة السوداء عام 2009، بعد ضبط شحنة أسلحة في الحديدة كانت متجهة للحوثيين. اعتبر رشيد ذلك بمثابة "طعنة غدر"، ما جعله أحد المتحمسين لقتل صالح، انتقامًا منه على موقفه من والده.

إرث العائلة.. تجارة الموت عبر الحدود

ينحدر رشيد من عائلة امتهنت تجارة السلاح منذ أجيال في منطقة الطلح بمحافظة صعدة، المعقل الرئيسي للحوثيين شمال اليمن. وخلال الحروب الست بين الحوثيين ونظام صالح، عمل والده فارس مناع كوسيط غير رسمي، لكنه كان في الواقع يعمل لصالح الحوثيين، مستغلًا موقعه لتأمين الأسلحة لهم.

في 2011، بعد سيطرة الحوثيين على صعدة، كافأه زعيم الجماعة بتعيينه محافظًا للمحافظة، وبعد سيطرتهم على صنعاء في 2014، تم منحه منصب وزير دولة في حكومتهم غير المعترف بها دوليًا.

ورغم العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ 2010، استمر في إدارة شبكات تهريب السلاح، والتي طالت حتى حركة الشباب في الصومال، وفق تقارير مجلس الأمن.

مناصب عليا للمهربين.. ودعم إيراني مستمر

لم يكن تعيين رشيد مناع في جهاز الاستخبارات الحوثي حدثًا عابرًا، بل يأتي ضمن سياسة ممنهجة لتعيين رجال التهريب والأموال في مناصب حساسة داخل الجماعة.

فإلى جانب رشيد، فرضت واشنطن عقوبات على قيادات حوثية بارزة في جهاز الأمن والمخابرات، من بينهم عبدالحكيم الخيواني، وعبدالقادر الشامي، وحسن الكحلاني، بتهم تتعلق بتهريب الأسلحة والنفط من إيران عبر شركات تجارية تعمل كواجهات لتمويل الجماعة.

الارتباط بالجماعات الإرهابية في إفريقيا

تزايدت الشكوك حول دور رشيد مناع في تعزيز علاقة الحوثيين بالجماعات الإرهابية في إفريقيا، حيث تشير تقارير إلى أن الحوثيين يسعون لإنشاء فصائل مسلحة موالية لإيران في الصومال، مستفيدين من شبكات التهريب التي يديرها رجال مثل رشيد ووالده.

وتحدثت تقارير استخباراتية عن تزويد الحوثيين لتنظيم القاعدة وحركة الشباب في الصومال بالأسلحة والطائرات المسيرة، في إطار تبادل المصالح بين الجماعة وهذه التنظيمات، حيث تضمن القاعدة للحوثيين ممرات آمنة لتهريب الأسلحة، مقابل حصولها على إمدادات عسكرية.

ما وراء التعيين.. لعبة التوازنات داخل الجماعة

من الواضح أن تعيين رشيد في هذا المنصب الأمني الحساس يعكس أكثر من مجرد استقطاب شخصية نافذة في التهريب والتجارة، بل هو أيضًا محاولة من قيادة الحوثيين لضمان الولاء الكامل لعائلة مناع، ومنعها من العمل خارج دائرة نفوذ الجماعة.

يعزز هذا التعيين دور المهربين في هيكل السلطة الحوثية، ويؤكد أن الجماعة لا تزال تعتمد على شبكات تهريب السلاح والتمويل غير المشروع كأساس لبقائها، مستفيدة من الفوضى الإقليمية والغطاء الإيراني لاستمرار تدفق الأسلحة عبر مسارات تهريب متعددة.

ختامًا.. رجل الظل في جهاز الأمن الحوثي

يتحول رشيد مناع اليوم إلى أحد رجال الظل في الاستخبارات الحوثية، مستغلًا صفته الأمنية والتجارية لتنفيذ عمليات تهريب السلاح، وإبرام الصفقات المشبوهة، في إطار دعم المنظومة المالية والعسكرية للجماعة.

ومع استمرار التهديد الحوثي للملاحة الدولية في البحر الأحمر، وتصاعد الضغوط الدولية لوقف تدفق السلاح الإيراني للجماعة، سيظل اسم رشيد مناع حاضرًا في المشهد، كأحد الوجوه البارزة في إدارة عمليات التهريب الحوثية، وامتدادًا لإرث عائلة احترفت تجارة الموت عبر الحدود.