آخر تحديث :الثلاثاء-18 فبراير 2025-01:48ص

دودة الاستبداد وفوبيا الديمقراطية

الثلاثاء - 04 فبراير 2025 - الساعة 12:05 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


في الطبيعة، هناك دودة طفيلية اسمها Dicrocoelium dendriticum تتحكم في عقول النمل بطريقة غريبة.

تعيش هذه الدودة داخل النملة بعد أن تبتلع يرقاتها، ثم تقتحم جهازها العصبي و دماغها وتهكّره!


يسلك النمل المصاب بهذا الطفيلي سلوكا غريبا. يصعد إلى أعلى العشب عند الغروب ويثبت نفسه هناك بفكيه. أذا بقي حيا يعود الى مستعمرته عند الفجر ثم يعاود تسلق العشب اليوم التالي عند الغروب!


لقد فقدت النمله عقلها واستولت عليه الدودة الطفيلية!

هذا التصرف يجعل النملة فريسة سهلة للحيوانات العاشبة مثل الأغنام والأبقار، والتي يحتاجها الطفيلي لإكمال دورة حياته داخلها. النمل لا يدرك أنه لم يعد يتحكم في نفسه، بل أصبح أداة في يد الطفيلي، الذي يستخدمه للوصول الى جسم البقرة أو الماشية التي ستأكله مع العشب.


بنفس الطريقة، هناك طفيلي فكري هو عبادة الاستبداد أو عبادة الرجل القوي!

في أغلب النقاشات حول الوضع السياسي في الدول العربية ستجد آلاف المقالات والمنشورات التي تحذر من الديمقراطية وتنظر للاستبداد وتبرر لمصادرة الحريات.

لكنك بالكاد ستجد حفنة بسيطة من المقالات او المنشورات التي تدافع عن الديمقراطية!


ستجد مئات الآلاف من الخائفين والمرعوبين من الديمقراطية والمحذرين من كوارثها!، لكنك سنجد اقلية قليلة تخاف من الديكتاتورية.

ستجد من يخاف من الانتخابات لكنه لا يخاف من المعتقلات، ويخاف من حرية التعبير لكنه لا يخاف من القمع والاقصاء، ويخاف من العمل المدني لكنه لا يخاف من جيش الديكتاتور وجهازه الأمني!

عندما يسيطر طفيلي عبادة الاستبداد على الشخص، يجعله يخاف الحوار والتعددية وحرية التعبير، ويعتقد أن القمع والاستبداد هما الحل. مثل النمل المصاب الذي يسبب هلاكه بنفسه، يساعد هؤلاء الأشخاص في نشر الاستبداد، معتقدين أنهم يدافعون عن مجتمعاتهم.

الطريقة الوحيدة لمقاومة طفيلي عبادة الاستبداد وحماية العقول منه هو المزيد الوعي والتعليم، حتى يتمكن الناس من التحرر من تأثيره قبل أن يدمنوا التعلق بقشة الاستبداد حتى يتم ابتلاعهم.